تلعب المنظمات الإنسانية دورًا جوهريًا عندما تشتدّ الأزمات. وتتجه العيون إلى تلك المنظمات التي ستمدّ يد العون، وتُحسن إدارة الأموال والموارد للتخفيف من آثار الأزمة، كما هو متوقع منها. في المقابل، تجد المنظمات الإنسانية نفسها أمام تحديات، وأولويات للتدخّل، وأموال وموارد لابد أن تُستثمر بأفضل طريقة، بشكل يحافظ على التبرعات، ويضمن الشفافية والنزاهة كل ذلك يجعل الحوكمة في المنظمات الإنسانية أساسًا لبناء الثقة، وداعمًا رئيسيًا لاستدامة الاقتصاد والعمل الخيري. تشرح “شيرين صالح” مديرة مكتب وخدمات الأكاديمية الإنسانية للتنمية (HAD)، أهمية الحوكمة الإنسانية.
ما هي الحوكمة في المنظمات الإنسانية؟
في المنظمات الإنسانية، تشير الحوكمة إلى “محاولة تنظيم المجال الإنساني، بما في ذلك القواعد والهياكل والآليات اللازمة لتعزيز الممارسات الإنسانية المسؤولة والفعالة.”
وفي القطاع الإنساني، تمتد الحوكمة لتشمل:
- إدارة الموارد المالية والبشرية بكفاءة.
- وضع سياسات واضحة للشفافية والمساءلة.
- تعزيز ثقة المستفيدين والداعمين.
- حماية المنظمة من الفساد وسوء الإدارة.
الحوكمة التنظيمية: هيكل واضح وقرارات شفافة
الحوكمة التنظيمية من أهم أعمدة الحوكمة بشكل عام، لأنها تعتمد على وجود هيكل إداري واضح يحدد المسؤوليات والصلاحيات، ويضمن اتخاذ قرارات مدروسة. فالحوكمة التنظيمية تشمل:
- مجلس إدارة قادر على مراقبة الأداء ووضع السياسات.
- سياسات الامتثال للمعايير الإنسانية الدولية.
- آليات تقييم الأداء لضمان التحسين المستمر.
وكلما كانت أسس الحوكمة متينة في المنظمة، صار من السهل تنفيذ إجراءات الامتثال والرقابة. لكن لماذا الحوكمة مهمة في منظمات المجتمع المدني بشكل عام وفي المنظمات الإنسانية على وجه الخصوص؟
أهمية حوكمة منظمات المجتمع المدني
تؤدي منظمات المجتمع المدني دورًا داعمًا لباقي المنظمات، سواء الحكومية أو الأهلية أو غيرها. من هنا يُعدّ تطبيق الحوكمة فيها ضروريًا لتعزيز كفاءتها، وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن خلال الحوكمة الإنسانية الفعالة، تستطيع منظمات المجتمع المدني:
- بناء أنظمة مالية شفافة.
- تطوير لوائح عمل وإجراءات داخلية واضحة.
- تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في صنع القرار.
- كما أنها تبني الثقة بين الداعمين والمستفيدين، الأمر الذي يحافظ على التمويل حتى في أوقات الأزمات.
- وتدعم الحوكمة التنمية المستدامة، عبر استراتيجيات واضحة لتوزيع الموارد وإدارة المخاطر.
وتفرض الحوكمة أن تكون المنظمات الإنسانية مسؤولة أمام كافة الأطراف التي تخدمها:
- الجهات المانحة: من خلال تقديم تقارير مالية دقيقة وواضحة.
- المستفيدون: من خلال ضمان عدالة وصول المساعدات.
- الشركاء والجهات التنظيمية: عبر الالتزام بالقوانين والمعايير الإنسانية.
كل ذلك لا يمكن تحقيقه دون سياسات وإجراءات واضحة، وآليات للإبلاغ، للكشف عن أي فساد أو سوء استخدام للأموال.
سياسات وإجراءات لضمان الحوكمة والنزاهة:
من أبرز إجراءات الحوكمة الفعّالة التي يمكن للمنظمات الإنسانية تبنيها:
- سياسات مكافحة الفساد، وسياسات الإبلاغ عن المخالفات.
- إجراء عمليات تدقيق مالية مستمرة بواسطة جهات مستقلة.
- المساءلة والتواصل مع المستفيدين (أو السكان المتضررين) وآليات فعّالة للتغذية الراجعة. وهذا يُركّز على مبدأ المساءلة الأساسي، وهو الدافع الأساسي للتواصل.
- تدريب الموظفين على أخلاقيات العمل الإنساني والامتثال للأنظمة.
- استخدام التكنولوجيا لتعزيز الشفافية في إدارة الموارد.
الحوكمة سبيل للتنمية المستدامة
لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون حوكمة فعالة. وعندما تطبق المنظمات الإنسانية ممارسات الحوكمة، فإنها تُحسن استخدام الموارد لتحقيق أكبر أثر، وتزيد فرص التمويل والدعم الدولي، كما تساهم في بناء مؤسسات قادرة على الاستمرار رغم التحديات.
أهمية الحوكمة في تحقيق التنمية المستدامة، لا يعني أن الأمر سهلًا، خاصة في بيئات العمل المعقّدة، أو عندما تواجه المنظمة ضغوطًا من المتبرعين مثل التمويل المشروط وغير المستقر.
كما أن الاستفادة من الحوكمة لابد أن يراعي التوازن بين المرونة والرقابة. فمن ناحية هناك قرارات استجابة إنسانية يجب أن تكون سريعة، ومن ناحية أخرى هناك أولويات وإجراءات شفافية لابد من الالتزام بها.
دور HAD في تعزيز الحوكمة
في الأكاديمية الإنسانية للتنمية، النزاهة والمساءلة ليستا مجرد سياسات، بل هما قيمتان متجذرتان في إيماننا ورسالتنا. واسترشادًا بمبادئ الصدق والعدل والإخلاص، نسعى جاهدين لضمان استخدام كل مورد يُعهد إلينا بمسؤولية.
هذه المبادئ نترجمها من خلال برامج تدريبية ومهنية متخصصة لدعم المنظمات الإنسانية في بناء أنظمة حوكمة قوية.
على سبيل المثال تركز تدريباتنا على:
- تدريب القادة والمدراء على الإدارة الرشيدة الأخلاقية والفعالة.
- وضع استراتيجيات لمواءمة الحوكمة مع أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الإغاثة الإسلامية.
- دعم منظمات المجتمع المدني في تطوير إجراءات وسياسات لضمان الشفافية والمساءلة.
فالحوكمة في المنظمات الإنسانية تُعد أساس الثقة والمصداقية. وهي حجر الزاوية لبناء قطاع إنساني فعال ومستدام. الاستثمار في الحوكمة لا يضمن فقط نزاهة المنظمات، بل يعزز قدرتها على تقديم الدعم بكفاءة للأشخاص الأكثر احتياجًا. ومع تدريبات HAD، تصبح الحوكمة ممارسة عملية تعكس القيم الإنسانية وتحوّلها إلى أثر ملموس. للمزيد من المعلومات حول HAD، تفضل بزيارة https://had-int.org/.
المنشورات ذات الصلة